بسم الله الرحمن الرحيم
عندما نعيش لذواتنا فحسب
تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة
تبدأ من حيث بدأنا نعي
وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ! …
أما عندما نعيش لغيرنا
أي عندما نعيش لفكرة ، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة
تبدأ من حيث بدأت الإنسانية ، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض ! …
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة
نربحها حقيقة لا وهماً
فتصور الحياة على هذا النحو ، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا .
فليست الحياة بِعَدِّ السنين
ولكنها بعدادِ المشاعر
إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة ، حينما نعيش للآخرين
وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين
نضاعف إحساسنا بحياتنا ، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية ! .
آثار لمس الجانب الطيب عند الناس
عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس
نجد أن هناك خيراً كثيراً ، قد لا تراه العيون أول وهلة ! …
لقد جربت ذلك . جربته مع الكثيرين …
حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون ، أو فقراء الشعور …
شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم
شيء من الود الحقيقي لهم ، شيء من العناية – غير المتصنعة – باهتماماتهم وهمومهم …
ثم ينكشف لك النبع الخيّر في نفوسهم
حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم
في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك
متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص .
إن الشر ليس عميقاً في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحياناً .
إنه في تلك القشرة الصلبة
التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء …
فإذا أَمِنُوا تكشّفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية …
هذه الثمرة الحلوة ، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن من جانبه
بالثقة في مودته
بالعطف الحقيقي على
كفاحهم وآلامهم
وعلى أخطائهم
وعلى حماقاتهم كذلك
… وشيء من سعة الصدر في أول الأمر ، كفيل بتحقيق ذلك كله
أقرب مما يتوقع الكثيرون
لقد جربت ذلك ، جربته بنفسي .
فلست أُطلقها مجرد كلمات مجنّحة ، وليدة أحلام وأوهام !
آثار حبنا للآخرين
عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير
نعفي أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة
إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين
لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين
إذ نزجي إليهم الثناء
إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير
وسنجد لهم مزايا طيبة
نثني عليها حين نثني ونحن صادقون
ولن يعدم إنسان ناحية خيّرة أو مزية حسنة ، تؤهله لكلمة طيبة …
ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها
إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب ! …
كذلك لن نكون في حاجة لأن نُحَمِّلَ أنفسنا مؤونة التضايق منهم
ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم
لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص
ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة العطف !
وبطبيعة الحال لن نُجَشِّم أنفسنا عناء الحقد عليهم
أو عبء الحذر منهم
فإنما نحقد على الآخرين ، لأن بذرة الخير لم تنم في نفوسنا نمواً كافياً
ونتخوف منهم ، لأن عنصر الثقة في الخير ينقصنا ! .
كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة
حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا
يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير !
طريق العظمة الحقيقية
حين نعتزل الناس
لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً
أو أطيب منهم قلباً
أو أرحب منهم نفساً
أو أذكى منهم عقلاً
لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً …
لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل ، وأقلها مؤونة ! .
إن العظمة الحقيقية :
أن نخالط هؤلاء الناس
مُشْبَعين بروح السماحة
والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم
وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم
ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع ! .
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا
ومثلنا السامية
أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم
أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقاً ..
إن التوفيق بين هذه المتناقضات
وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد : هو (العظمة الحقيقية ! . (
أنا أحس أنه كلما ازددنا شعوراً بعظمة الله المطلقة
زدنا نحن أنفسنا عظمة ، لأننا من صنع إله عظيم !
أنهم يظنون أن الإنسان إنما لجأ إلى الله إبّان ضعفه وعجزه
فأما الآن فهو من القوة بحيث لا يحتاج إلى إله !
كأنما الضعف يفتح البصيرة ، والقدرة تطمسها ! .
إن الإنسان لجدير بأن يزيد إحساساً بعظمة الله المطلقة كلما نمت قوته
لأنه جدير بأن يدرك مصدر هذه القوة
كلما زادت طاقته على الإدراك …
--
الغاية لا تبرر الوسيلة
مـن الصعب علي أن
أتصور كيف يمكن أن نصل إلـى غاية نبيلة باستخدام وسيلة خسيسة !؟
إن الغاية النبيلة لا تحيا إلا في قلب نبيل
فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة ؟
بل كيف يهتدي إلى استخدام هذه الوسيلة ؟!
حين نخوض إلى الشط المترع بركة من الوحل لا بد أن نصل إلى الشط ملوّثين ...
إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا
وعلى مواضع هذه الأقدام
كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة :
إن الدنس سيعلق بأرواحنا
وسيترك آثاره في هذه الأرواح
وفي الغاية التي وصلنا إليها ! .
إن الوسيلة في حساب الروح جزء من الغاية
ففي عالم الروح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات !
الشعور الإنساني وحده إذا حس غاية نبيلة فلن يطيق استخدام وسيلة خسيسة ..
بل لن يهتدي إلى استخدامها بطبيعته !
" الغاية تبرر الوسيلة !؟ "
تلك هي حكمة الغرب الكبرى !!
لأن الغرب يحيا بذهنه ، وفي الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين( الوسائل والغايات ! . (
أفراح الروح بإسعاد الآخرين
بالتجربة عرفت
أنه لا شيء في هذه الحياة يعدل ذلك الفرح الروحي الشفيف الذي نجده
عندما
نستطيع أن نُدخِلَ العزاء أو الرضى
الثقة أو الأمل أو الفرح
إلى نفوس الآخرين ! .
إنها لذة سماوية عجيبة
ليست في شيء من هذه الأرض
إنها تجاوب العنصر السماوي الخالص في طبيعتنا
إنها لا تطلب لها جزاءً خارجياً ، لأن جزئها كامن فيها ! .
النظرة إلى الإنجازات والأخطاء
لم أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة !
لقد أخذت في هذه الحياة كثيراً ، أعني : لقد أعطيت !! .
أحيانا تصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء
لأنهما يعطيان مدلولاً واحداً في عالم الروح !
في كل مره أعطيت لقد أخذت
لست أعني أن أحداً قد أعطى لي شيئاً
إنما أعني أنني أخذت نفس الذي أعطيت
لأن فرحتي بما أعطيت لم تكن أقل من فرحة الذين أخذوا .
لم أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة !
لقد عملت بقدر ما كنت مستطيعاً أن أعمل !
هناك أشياء كثيرة أود أن أعملها
لو مُدَّ لي في الحياة
ولكن الحسرة لن تأكل قلبي إذا لم أستطع
إن آخرين سوف يقومون بها
إنها لن تموت إذا كانت صالحة للبقاء
فأنا مطمئن إلى أن العناية التي تلحظ هذا الوجود لن تدع فكرة صالحة تموت …
لم أعد أفزع من الموت حتى لو جاء اللحظة !
لقد حاولت أن أكون خيّراً بقدر ما أستطيع
أما أخطائي وغلطاتي فأنا نادم عليها !
إني أكل أمرها إلى الله ، وأرجو رحمته وعفوه
أما عقابه فلست قلقاً من أجله
فأنا مطمئن إلى أنه عقاب حق
وجزاء عدل
وقد تعودت أن أحتمل تبعة أعمالي
خيراً كانت أو شراً ...
فليس يسوءني أن ألقى جزاء ما أخطأت حين يقوم الحساب ! .
وإني معتقدا اعتقادا جازما أني سألقى رب غفور رحيم كريم عفو . . . يحب العفو
فهو ربي . . . لا إله الإ هو
عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
لا اله الا الله محمد رسول الله
الماضى والحاضر
يوسف أحمد محمد طلعت
يوسف أحمد طلعت
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق